عيد الغدير وتنصيب الأمير(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (67) سورة المائدة
حديثي عن هذه الآية يتمحور في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى : نفس الآية
النقطة الثانية: نظرة علماء السنة للآية الكريمة
النقطة الثالثة: حادثة الغدير من كتاب الغدير.النقطة الأولى: نفس الآية يشير إلى ثلاثة أمور :
1)مخاطبة صاحب الرسالة بخطاب(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ )ولم يردهذا الخطاب للرسول(ص) في القرآن سوى مرتين فقط
هذه الآية والآية 41من سورة المائدة ، إلا أنه سبحانه وتعالى خاطب رسوله في هذه الآية وقد مزج خطابه فيهاذها بتهديد (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) وهذا التهديد ما هو إلا تأكيد لأمر عظيم
2)أن الذي يقرأ الآية لأول وهلة يرى أن النبي (ص) كان خائفا تجاه هذا الأمر العظيم ، حيث سكن الله خوفه بقوله (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)
وكان خوف النبي (ص) منصبا على البنية الإيمانية للمجتمع الإسلامي إذ أنها لم تكن ثابتة بحسب مايرى(ص)
3) (إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )ختام الآية بكفر من أنكر خاتمة الرسالة الإسلامية وهي( الولاية)
وهذا تمام كلامنا في النقطة الأولى
النقطة الثانية نظرة علماء السنة للآية الكريمة
وبما أن سبب نزولها بلغ حد التواتر فلم ينكرها أحد من علماء السنة إلا أنهم وقفوا تجاهها ثلاثة مواقف :
الموقف الأول:موقف الفخر الرازي في تفسيره حينما وصل الى تفسير هذه الآية أورد تسعة احتمالات لتفسيرها والاحتمال التاسع قال ويحتمل أن يراد منها الولاية لعلي ابن أبى طالب
وما ذلك منه إلا للتشكيك في الولاية لأمير المؤمنين علي ابن أبى طالب (ع)وهيهات ان يحجب الغربال ضوء الشمس
الموقف الثاني : موقف محمد رشيد رضا في تفسيره المنار ، وكذا السيد قطب في ظلال القرآن .. وغيرهما ،للأسف الشديد أهملوا النظر إلى سبب النزول فلم يذكروه أصلا كأنما لم يرد للآية سبب نزول
الموقف الثالث : أما الأكثر منهم فلم ينكروا ذلك بل صرحوا به ولكنهم رفظوا أن يكون الأمر المراد تبليغه هو الولاية ، والبعض منهم تردد في ذلك .
ونحن نقول إذا لم يكن الأمر هو الولاية فما هو هذا الأمر؟؟؟
علما بأن الآية نزلت في أواخر حياة الرسول(ص)
فالبعض منهم اراد الجواب على هذا التسائل قائلا :
إن هذا الأمر هو مواجهة المنافقين
وهذا لجواب مردود لأن حركة المنافقين قد طوقت بعد فتح مكة وطردهم . . من أمثال مروان ابن الحكم وغيره
والبعض الآخر قال: إن أمر التبليغ هو التبليغ بترك عبادة الأصنام
وهذا الجواب مردود أيضا لأن قضية عبادة الأصنام قد اندحرت في أواخر حياته الشريفة (ص)
والبعض قال : أن أمر التبليغ هو الالتفات لحركات اليهود والنصارى للقضاء الدين
ويرد على ذلك بأن هذه المشكلة قد انتهت بعد حوادث بني النظير وبني قينقاع وبني قريظة
فأي امر هذا الذي يأمر الله الرسول بتبليغه؟؟
فليس هذا الأمر إلا الولاية لعلي(ع) فإنها صمام الأمان للدين كله (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )
ولو قال قائل إذا كان هذا الأمر هو ولاية علي فلماذا لم يذكر القرآن بصراحة اسم
(علي ابن أبي طالب) على انه الخليفة بعد الرسول وتنحل المشكلة
ويجاب على ذلك بجوابين:
الأول منهما:
وهل ذكر في القرآن اسم أحد من الصحابة على انه خليفة رسول الله
وثانيا ثق بالله لو ذكر القرآن اسم علي بصراحة لأنكر النواصب القرآن أوسعوا الى تحريفة ولا تستغرب يا اخي العزيز من هذا القول سأذكر لك على سبيل المثال لا الحصر، الحديث المتواتر الذي ورد عن الرسول (ص) (قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها)اذ أن أحد علماء إخواننا السنة وهو الحافظ الشيرازي في اللمع يذهب الى أن ذلك ليس علي أبى طالب إنما هو صفة لباب المدينة أي إن بابها عال ورفيع !! أليس ذلك تفريغ لمحتوىالحديث الشريف ؟؟
النقطة الثالثة : بعض الملابسات التاريخية لحادثة الغدير
في السنة الأخيرة من حياة الرسول (ص) أدى المسلمون مع الرسول حجة الوداع وعطر صاحب الرسالة يلفهم وشآبيب الرحمة تنصب عليهم وقد وصل الحجيج إلى غدير خم ،إذ أنها تمثل النقطة التي يتفرق بعدها الحجيج إلى أصقاعهم فأهل الشام يمضون إلى شامهم وأهل العراق إلى عراقهم وأهل اليمن إلى يمنهم ..وهكذا أهل سائر البلدان من المسلين . لأن (غدير خم) مفترق على أربعة طرق
طريق يتجه إلى المدينة نحو الشمال ، وطريق يوصل إلى العراق شرقا ، وطريق الغرب إلى مصر ، وطريق الجنوب إلى اليمن
وفي غدير خم شاءت قدرة الله أن يتحقق وعده بخاتمة الرسالة بإعلان الولاية لعلي (ع) وذلك يوم الخميس في السنة العاشرة للهجرة النبوية حيث مضت ثمانية أيام على عيد الأضحى الأغر
وإذا بالرسول (ص) يصدر أمره إلى الحجيج بأن يقفوا وقد كان عددهم 120 ألف على قول بعض النقول التاريخية في تلك الصحراء القاحلة تحت حرارة الشمس بحيث أن الحاج كان قد قسم رداءه إلى قسمين ، قسم يمتطيه والقسم الآخر يضعه على رأسه ، وليس في ذلك الغدير إلا بضع نخيلات تصارع حرارة الشمس حبا في البقاء
وهناك صلى النبي(ص) بالحجيج فلما أن انفتل من صلاته أمر بأن يصنع له منبرا من أقتاب الإبل
ولما صنع المنبرارتقاه وقال : أيها الناس ألا تسمعون ؟ قالوا : نعم . قال : فإني فرط على الحوض ، وأنتم واردون علي الحوض ، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى ( [5] ) فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين ([6]) فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال : الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل و طرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا ، والآخر الأصغر عترتي ، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يراد علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون ، فقال : أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، يقولها ثلاث مرات ، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة : أربع مرات ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، ألا فليبلغ الشاهد الغايب ، ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ، الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي ، والولاية لعلي من بعدي ، ثم طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه وممن هنأه في مقدم الصحابة : الشيخان أبو بكر وعمر كل يقول : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، وقال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم ، فقال حسان : إئذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن ، فقال : قل على بركة الله ، فقام حسان فقال : يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ثم قال :
يناد بهم يوم الغدير نبيهم * بخم فاسمع بالرسول
الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة ورض الرب بولاية أمير المؤمنين علي(ع)