(( رأي أهـل البيـت عليهم السـلام ))
<blockquote>
قال العياشي في تفسيره : 1/288 :
عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام قال : كان القرآن ينسخ بعضه بعضاً ، وإنما كان يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بآخره ، فكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة ، فنسخت ما قبلها ولم ينسخها شيء . لقد نزلت عليه وهو على بغلته الشهباء ، وثقل عليه الوحي ، حتى وقفت وتدلى بطنها ، حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض ، وأغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وضع يده على ذؤابة شيبة بن وهب الجمحي ، ثم رفع ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقرأ علينا سورة المائدة ، فعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وعملنا . انتهى .
ويقصد علي عليه السلام بذلك : أن المسح على القدمين في الوضوء هو الواجب وليس غسلهما ، لأن المسح نزل في سورة المائدة وعمل به النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون ولم ينسخ . ورواه في تفسير نور الثقلين: 1/582 و5/447.
وفي الكافي : 1/289 :
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود ، جميعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال : أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه : إنما وليكم, الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وفرض ولاية أولي الأمر ، فلم يدروا ما هي ؟ فأمر الله محمداً صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية ، كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم ، وأن يكذبوه ، فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس، فصدع بأمر الله تعالى ذكره ، فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم ، فنادى الصلاة جامعة ، وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب - قال عمر بن أذنية : قالوا جميعاً غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام : وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله عز وجل : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي . قال أبو جعفر عليه السلام : يقول الله عز وجل : لاأنزل عليكم بعد هذه فريضة ، قد أكملت لكم الفرائض .
وفي تاريخ اليعقوبي : 2/43 :
وقد قيل إن آخر ما نزل عليه :
( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )
وهي الرواية الصحيحة ، الثابتة الصريحة .
(( مصادر السنيين الموافقة لرأي أهل البيت عليهم السلام ))
قال السيوطي في الدر المنثور : 2/252 :
وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن أبي ميسرة قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة ، وإن فيها لسبع عشرة فريضة .
وقال ابن حزم في المحلى : 9/407 :
روينا من طريق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما أن سورة المائدة آخر سورة نزلت ، فما وجدتم فيها حلالاً فحللوه ، وما وجدتم فيها حراماً فحرموه . وهذه الآية في المائدة فبطل أنها منسوخة ، وصح أنها محكمة .
وقال في المحلى : 7/389 :
فإن هذا قد عارضه ما رويناه عنها من طريق ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن جري بن كليب ، عن جبير بن نفير قال : قالت لي عائشة أم المؤمنين : هل تقرأ سورة المائدة ؟
قلت : نعم ؟ قالت : أما إنها آخر سورة نزلت ، فما وجدتم فيها حراماً فحرموه. انتهى . ورواه أحمد في مسنده : 6/188 ، ورواه البيهقي في سننه : 7/172 عن ابن نفير ، ونحوه عن عبد الله بن عمرو . ورواه في طبقات الحنابلة : 1/427 .
ورواه الحاكم : 2/311 ، وقال :
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .ثم روى عن عبد الله بن عمرو أن آخر سورة نزلت سورة المائدة وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . انتهى . وستعرف أنهما لم يخرجاه مراعاة لعمر ، حيث ادعى أن آخر ما نزل من القرآن غير المائدة .
وفي مجمع الزوائد : 1/256 :
وعن ابن عباس أنه قال : ذكر المسح على الخفين ، وعند عمر سعدٌ وعبد الله بن عمر ، فقال عمر : سعد أفقه منك ، فقال عبد الله بن عباس : يا سعد إنا لاننكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ، ولكن هل مسح منذ نزلت المائدة ، فإنها أحكمت كل شيء ، وكانت آخر سورة نزلت من القرآن، ألا تراه قال . . . فلم يتكلم أحد . رواه الطبراني في الأوسط ، وروى ابن ماجة طرفاً منه ، وفيه عبيد بن عبيدة التمار وقد ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يُغرب . انتهى .
يقصد الهيثمي أن الرواية ضعيفة بهذا الراوي ، الذي وثقه ابن حبان ، وقال عنه إنه يروي روايات غريبة ، أي مخالفة لمقررات المذهب الرسمي الذي يقول إن الواجب هو غسل الرجلين في الوضوء ، ويقول إن المائدة ليست آخر سورة نزلت !
وفي الدر المنثور : 2/252 :
وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المائدة ( من ) آخر القرآن تنزيلا ، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها . انتهى .
ويشك الإنسان في كلمة ( من ) التي تفردت بها هذه الرواية ، وكأن راويها أضافها للمصالحة بين الواقع وبين ما تبنته السلطة ، وجعلته مشهوراً .
وفي تفسير التبيان : 3/413 :
وقال عبد الله بن عمر : آخر سورة نزلت المائدة .
وفي الغدير : 1/228 :
ونقل ابن كثير من طريق أحمد والحاكم والنسائي عن عايشة : أن المائدة آخر سورة نزلت . انتهى .
ويتضح من مجموع ذلك أن المتسالم عليه عند عند أهل البيت عليهم السلام أن آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة .. وأنه مؤيدٌ برواياتٍ صحيحة وكثيرة في مصادر إخواننا .. بل يمكن القول بأن نص آية ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وحده يكفي دليلاً على أنها نزلت في آخر ما نزل من القرآن ، لأنها تنص على أن نزول الفرائض قد تم .. وتنفي أن يكون نزل بعدها فريضة .
على أنه وردت نصوص بذلك كما تقدم عن الإمام الباقر عليه السلام ، وكما سيأتي من رواية الطبري ، والبيهقي ، وقول السدي .
وعليه ، فكل قول يزعم نزول فريضة بعد هذه الآية مردود ، ولابد أن يكون ما نزل بعدها من القرآن خالياً من الفرائض والأحكام ، لأن التشريع كان قد تم بنزولها .
منقول للأمانة
و نسألكم الدعاء
</blockquote>