الجمعة الاولى 19 ذو الحجة 1418
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
نتبرك اولا بقراءة سورة الفاتحة على ارواح المؤمنين والمؤمنات.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا افتتح هذا الموسم المقدس بقراءة فقرات من دعاء الافتتاح[1]: بسم الله الرحمن الرحيم
( اللهم اني افتتح الثناء بحمدك وانت مسدد للصواب بمنك وايقنت انك انت ارحم الراحمين في موضع العفو والرحمة واشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة واعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة، اللهم اذنت لي في دعائك ومسألتك فاسمع يا سميع مدحتي واجب يا رحيم دعوتي واقل يا غفور عثرتي فكم يا الهي من كربة قد فرجتها وهموم قد كشفتها وعثرة قد اقلتها ورحمة قد نشرتها وحلقة بلاء قد فككتها.
الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ….
الحمد لله بجميع محامده كلها على جميع نعمه كلها الحمد لله الذي لا مضاد له في ملكه ولا منازع له في امره. الحمد لله الفاشي في الخلق امره وحمده الظاهر بالكرم مجده الباسط بالجود يده الذي لا تنقص خزائنه و لا تزيده كثرة العطاء الا جودا وكرما انه هو العزيز الوهاب ….
انا حسب فهمي اننا الان في نعمة كبيرة جدا، وكل نعم الله كبيرة ونعمه لا تحصى ولا تعد (( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ))[2] ….. نعمة كبيرة جدا في اقامة هذا الموسم المقدس الطيب وجزاكم الله خير جزاء المحسنين. ان الشيء الذي ينبغي الالتفات اليه من قبلكم جميعا وغيركم ايضا، اننا ينبغي ان نكون على مستوى مسؤولية شكر هذه النعمة واداء حقها امام الله سبحانه وتعالى، صح، شكر لله: شكر. حينما نقول شكرا لله نحن نشكر الله، لكن هناك اساليب اخرى للشكر عديدة ليس منها فقط شكرا لله، بل الشيء الرئيسيي لشكر الله هو كون الفرد المؤمن على مستوى المسؤولية بالنسبة الى النعمة، مثلا الانسان عنده ربح كثير. ماهو مستوى المسؤولية ؟ .. ان يتصدق به على المحتاجين ويقضي به حاجة المؤمنين. (كول لا !)[3]. ونحو ذلك من الامور. ان الانسان مثلا له مهنة الطب يعرف الطب فيقضي به حاجة المحتاجين والمؤمنين من المرضى وهكذا. اذن هذه النعمة ما هو شكرها؟ ان نكون على مستوى مسؤوليتها وهي لا نفرط بها وان لا نعمل عملا يؤدي الى منعها وازالتها بل نكون بالشكل الذي يستمر به هذا الموقف وتستمر به هذه العبادة المقدسة.
واوضح ذلك بالنسبة الى الجمهور: بالنسبة الى عوام الشيعة جزاهم الله خير جزاء المحسنين هو ان لا يعملوا عملا او لا يقولوا قولا الا باذن المراجع الكرام والقادة العظام الله يديم ظل الموجودين منهم. لا تتحرك ولا تنطق ولا تنظر بل ولا تفكر الا باذن الله الا بالشيء الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. واما اذا كان شيئا مشبوها او مشكوكا، او فيه زيادة او نقيصة او احتمال الخطر او احتمال السوء او احتمال الذنب او احتمال (الزلق) كما يقولون امتنع عنه بكل صورة.
نحن لم نر الله سبحانه ولا سمعناه وانما سمعنا عنه وكتابه المفتوح عنه هم العلماء، فلا ينبغي ان الانسان يتصرف اطلاقا الا باذن العلماء.
حبيبي .. (مو انا قلبي محروق) اقول للجماعة ابتعدوا ولا يبتعدون[4]، فانت اذا كنت تقر بولايتي فما معنى عدم ابتعادك ؟ اليس المفروض اطاعتي. اذا انتم في القليل هكذا فكيف ستكونوا في الكثير ؟! ليس له معنى حبيبي. اطيعوا علمائكم فقط والا فلا. اذا تريدون نفع الدين ووجود هذه الفرصة المتاحة بعون الله، والله تعالى هو مسبب الاسباب انما كيف ؟ لا يكون الا باطاعة التوجيه الديني ليس اكثر ولا اقل وكل من يقول غير ذلك ضع في فمه التراب لا اكثر ولا اقل. النعمة الاخرى التي نشعر بها اكيدا في هذا الموسم الطيب - سبحان الله -: اننا نتكلم في مكان خطب فيه امير المؤمنين (سلام الله عليه) (كول لا !)، بضرورة التاريخ وضرورة الدين ولم يتكلم من اهل الحق بعده اطلاقا الى هذه اللحظة ولم يستمع من اهل الحق بعده مثلكم الى هذه اللحظة فهذه من اعظم النعم.
مسجد الكوفة انت تراه طابوق وجص لا. لا. … يقول الشاعر :
لو يعلم الخلق ما في فضل مسجدها
حجوا (وليس ذهبوا ولا راحوا) اليه ولو زحفا على الركب
تزحف تزحف مريض وتأتي لماذا ؟ لان فضيلته عند الله كبيرة، يكفي انه بيت المعصومين (سلام الله عليهم)، يكفي انه بيت الله جل جلاله، يكفي انه من المواضع الاربعة التي فيها التخيير بين القصر والتمام، هنا كان امير المؤمنين يخطب.
هنا كان امير المؤمنين يصلي، هنا كان امير المؤمنين يسكن، هنا كان امير المؤمنين يقضي، (كول لا سبحان الله !). بيت (الطشت) اليس موجودا ؟ هنا كان امير المؤمنين (سلام الله عليه) يدخل ويأتي بنسائه بزينب (سلام الله عليها) في الليل حتى لا ترى رجلا ولا يراها رجل ويخفت _لا يطفيء_ وانما يخفت ضوء القناديل حتى لا يلتفت اليه النظارة الموجودين عادة في المسجد.
فمن هذه الناحية هو[5] ذكرى لتاريخ الاسلام كله بعد المناطق المقدسة التي هي مكة والمدينة بل قبل المناطق المقدسة التي هي مكة والمدينة. وقع كثير من هذا الكلام بين المؤمنين الفاهمين ان مكة (الكعبة) افضل ام حرم امير المؤمنين ؟ تعالوا اذبحوني؛ انا اقول حرم امير المؤمنين،. وماذا تريد ان تجاوب جاوب.
وكذلك مصلى امير المؤمنين وكذلك مسكن امير المؤمنين. فالله ما هي صداقته مع الكعبة حبيبي .. له صداقة مع امير المؤمنين ولي الله حقا. سبحان الله.
فقط هذا ؟ لا، كثير. انظر حبيبي : مسلم بن عقيل اين كان يصلي من اين خرج من الباب. لا يعرف احدا يدله على الطريق انما من هذا المسجد. صلى المغرب وراءه كذا مقدار من النفر. صلى العشاء وراءه ثلاثون، انتهى من العشاء _ يبدو انهم يبطلون صلاتهم ويخرجون، والا من اول الصلاة الى اين هم ؟على كل حال لعل له عذرا _.
المهم انه حينما خرج من الباب لم يجد احد اطلاقا لا فرس عنده ولا صديق وهو غريب لا يعرف طرق الكوفة يتلدد في الليل. اي كوفة هذه في لكناهور او في طوكيو او في نيويورك ؟ لا. هي هذه مسكن مسلم بن عقيل ودار دعوة مسلم بن عقيل وهاني والمختار وكثيرين من الاولياء الذين كانوا في الكوفة. الكوفة مهما كان امرها فيها اتجاهات عجيبة غريبة ومنحرفة. صحيح كما تسمعون من الخطباء. لكن لا ينبغي المبالغة في ذلك اطلاقا، الكوفة علوية مئة بالمئة والنجف علوية مئة بالمئة …
هذا فقط ؟ .. لا، المختار اين وجد؟ اين جلس؟ اين صلى جماعة؟ اين اخذ الثار من قتلة الحسين (سلام الله عليه)؟ انما في الكوفة، مجلسه في قصر الامارة وصلاته هنا، لا اريد ان اطيل عليكم.
هذا فقط؟ لا طبعا لا، هذه عاصمة المهدي سلام الله عليه (كول لا، سبحان الله !) نجهل ونغفل ؟!، يأتي الى الكوفة فيصعد المنبر. لا نعلم ماذا يقول، لكن الرواية تقول لا يسمعه احد لكثرة ما يقع من البكاء والنحيب ! هذه هي الخطبة الاولى التي يخطبها طبعا يذكر فوات حقوقه وحقوق ابائه سلام الله عليه، ثم يجعل الكوفة عاصمة له يرسل الرسل الى الاطراف والى الاقاليم.
فنحن في مكان مقدس حقا ولا يعوض بشيء اطلاقا كونوا على مستوى المسؤولية في تحمل هذه النعمة. والشيء الرئيسي قلت لكم انكم لا تتسرعوا بعمل او قول حرام حرام حرام. انظروا انه مخلص لله اولا وللمراجع العظام ثانيا وليس لك ان تعمل عملا صبيانيا تعرض به نفسك واسرتك ومذهبك ودينك الى ما لا يحمد عقباه ….
الله يريد هذا، فلماذا نعمل على خلاف ما يريد الله سبحانه وتعالى ؟ احملوني على سوء، انا انشاء الله لا اكن لكم الا الخير، قولوا انه لعله قيل له ذلك!! علي اللعنة اذا قيل لي، وانما انصحكم لله سبحانه وتعالى من اجل وجود هذه النعمة مكررا وعلى مدى الدهر، وانا اريدها ان تبقى حتى بعد ان يموت سيد محمد الصدر ….
بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا احد
الجمعة الاولى 19 ذو الحجة 1418
[3] مصطلح غالبا ما كان يردده سماحة السيد وهي جملة استفهامية معناها هل تستطيع ان تقول كلا. [4] وهو الناس الذين كانوا يلتفون ويتجمعون حول السيد الشهيد الاكبر (قدس سره)، فكان يبعدهم عنه ولكنهم لا يفعلون.