آية ( الإِطعَام ) ، وهي قوله عزَّ وجلَّ :
( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) الإنسان : 8 - 9 .
وقصتها كما في تفسير الكشاف للزمخشري عن ابن عباس : أن الحسن (ع)والحسين (ع) مَرِضَا ، فعادهما رسول الله (ص) في ناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن ، لو نَذرتَ على ولديك .
فَنَذَر عَليٌّ وفاطمةُ وجَارِيَتُهُما فِضَّة (عليهما السلام) إن برءا (ع) مما بِهِما أن يَصومُوا ثلاثة أيام .
فَشُفِيَا (ع) وما معهم شيء .
فاستقرض عليٌّ (ع) من شَمْعُون الخيبري اليهودي ثلاث أَصْوُعٍ من شعير ، فَطحنت فاطمة (ع) صاعاً ، واختبزت خمسة أقراص على عددهم .
فوضعوها بين أيديهم لِيُفطِرُوا ، فَوقَفَ عليهم ( مِسكين ) وقال :
السَّلام عليكم يا أهلَ بيتِ محمدٍ ، مِسكينٌ مِن مَساكِين المُسلمين ، أطعِمُونِي أطعمكمُ اللهُ من موائد الجنة ، فآثروه (ع) وباتوا لم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صياماً .
فلما أمْسَوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم ( يَتِيم ) ، فآثروه (ع).
ووقف عليهم ( أسيرٌ ) في الثالثة ، ففعلوا (ع) مثل ذلك .
فلما أصبحوا أخذَ علي بيد الحسن والحسين ، وأقبلوا إلى رسول الله (ص) ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفِرَاخ مِن شِدَّة الجوع قال (ص): مَا أشد مَا يَسُوؤُنِي ما أرى بكم .
فانطلق (ص) معهم ، فرأى فاطمة (ع) في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها ، فساءه (ص) ذلك ، فنزل جبرائيل وقال : خذها يا محمد ، هَنَّأَكَ اللهُ في أهل بيتك ، فَأقرَأَهُ السورة .
وفي هذه السورة – أي : سورة الإنسان ، أو : سورة هَلْ أَتَى– نكتة رائعة جداً ، وقد ذكرها الزمخشري في تفسيره الكشاف ، عند تفسيره لهذه السورة قال :
( إنَّ الله تعالى قد أنزلَ ( هَلْ أَتَى ) في أهلِ البيت (ع) ، وَلَيس شَيءٌ مِن نعيم الجَنَّةِ إِلاَّ وَذُكِرَ فيها ، إِلاَّ ( الحُور العِين ) ، وذلك إِجلالاً لفاطمة (ع)) .
فهذا هو إبداع القرآن الكريم ، وهذه هي بلاغته والتفاتاته ، وهذه هي عظمة فاطمة الزهراء (ع) عند ربها العظيم .