الميلاد
في
3 شعبان 4هـ وُلد سيدنا الحسين عليه السلام وقد استبشر رسول الله صلى الله عليه
وآله بولادته وانطلق إلى بيت ابنته فاطمة ليبارك لها الوليد أذّن جدّه النبي صلى
الله عليه وآله في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى وسمّاه حسيناً وفي اليوم
السابع لولادته عقّ عنه أبوه علي عليه السلام ووزّع لحم عقيقته على الفقراء
والمساكين
كان سيدنا محمد صلى
الله عليه وآله يحب حفيده الحسين عليه السلام وقد دمعت عيناه حزناً بعد أن أخبره
الوحي بما سيجري على الحسين عليه السلام في المستقبل
كان رسول الله صلى
عليه وآله يقول حسين مني وأنا من حسين وهو إمام ابن إمام وسيكون من نسله تسعة
أئمة آخرهم المهدي وهو يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تُملأ
ظلماً وجوراً
في عهد أبيه
قضى الحسن ستة أعوام
في أحضان جدّه النبي تعلّم فيها الكثير من أخلاق جده وأدبه العظيم وعندما توفَّي
النبي صلى الله عليه وآله أمضى 30 سنة من عمره الشريف في عهد أبيه علي بن أبي
طالب عليه السلام وتألم لمحنته فوقف إلى جانبه
عندما تولّىسيدنا علي
عليه السلام مسؤولية الخلافة كان الحسين عليه السلام جندياً مضحياً يقاتل من أجل
تثبيت راية الحق شارك في معارك الجمل وصفين والنهروان وعندما استشهد سيدنا علي
عليه السلام بايع الحسين عليه السلام أخاه الحسن عليه السلام بالخلافة ووقف إلى
جانبه ضد معاوية
الامام في عهد معاوية
دس معاوية السم إلى
الامام الحسن عليه السلام فاستشهد فتصدى سيدنا الحسين إلى الامامة وكان عمره 46
سنة كان سيدنا الحسين يدرك أن معاوية هو السبب في كل مآسي المسلمين
كان معاوية يتظاهر
بشعائر الاسلام ولكنه كان يعمل في الخفاء للقضاء على الدين وكان يحرص على بقاء
أهل الشام في جهل تام بحقائق الاسلام وصحابة الرسول المخلصين وكان يبثّ الدعايات
المغرضة لتشويه سمعة آل البيت عليهم السلام وكان يطارد كل من يعارض سياسته فقد
قتل كثيراً من أصحاب النبي وأصحاب سيدنا علي كان في طليعتهم حجر بن عدي الذي قتله
مع ابنه في مرج عذراء خارج دمشق
كان معاوية يفكر
ويعمل لتنصيب ابنه يزيد للخلافة مع علمه بأخلاق يزيد وكان شاباً يسخر من الدين
وأهله يشرب الخمر ويقضي أكثر وقته يلعب مع القرود
حذّر سيدنا الحسين
عليه السلام من خطورة ما يفعله ولكن معاوية لم يصغِ إلى أحد وأعلن نيّته في بيعة
يزيد ثم أخذ له البيعة بالقوة وأجبر الناس على ذلك
مع يزيد
مات معاوية وجاء إلى
الحكم ابنه يزيد وكان أول ما قام به هو أن بعث برسالة إلى الوليد حاكم المدينة
المنورة وأمره أن يأخذ البيعة من سيدنا الحسين عليه السلام بقوة
استدعى الوليد حاكم
المدينة سيدنا الحسين عليه السلام وعرض عليه أمر يزيد
كان سيدنا الحسين
يدرك أن يزيد يريد من وراء ذلك ان يقول ان الحسين وهو ابن رسول الله قد بايع
ومعنى هذا أن خلافته شرعية لذلك رفض الامام عليه السلام بيعة يزيد ذلك الرجل
الفاسق الذي يشرب الخمر ولا يحكم بما انزل الله
هدد الوليد سيدنا
الحسين بالقتل إذا هو رفض بيعة يزيد غير أن الامام عليه السلام لا يفكر في شيئ
سوى مصلحة الاسلام حتى لو كان في ذلك قتله
الكوفة تستنجد بالامام
كان المسلمون
يتململون من ظلم معاوية وكانوا يتمنون أن تعود حكومة علي بن أبي طالب حكومة العدل
الاسلامي وعندما سمع أهل الكوفة ان الامام الحسين قد رفض البيعة ليزيد بعثوا
برسائلهم إلى الامام يطلبون منه القدوم إلى الكوفة وانقاذهم من الظلم والجور وصل
عدد الرسائل التي تسلّمها الامام اثني عشر الف رسالة كلها كانت تقول أقدم يابن
رسول الله فليس لنا امام غيرك
سفير الحسين عليه السلام
أرسل الامام الحسين
عليه السلام ابن عمه مسلم بن عقيل سفيراً إلى الكوفة وسلمه رسالة إلى أهل الكوفة
جاء فيها
أما بعد فقد أتتني
كتبكم وفهمت ما ذكرتم من محبتكم لقدومي عليكم وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي
من أهل بيتي مسلم بن عقيل
أستُقبل مسلم بن عقيل
استقبالاً حاراً والتف حوله الناس يبايعون الامام الحسين عليه السلام
وبلغ عدد الذين
بايعوا أكثر من ثمانية عشر ألفا عندها كتب مسلم بن عقيل رسالة إلى سيدنا الحسين
يخبره فيها اجتماع أهل الكوفة على نصرة الحق ورفض البيعة ليزيد ويطلب من الامام
القدوم في أول فرصة
مصرع مسلم
كان يزيد يراقب ما
يجري في الكوفة فعين حاكماً جديداً هو عبيد الله بن زياد الذي وصل الكوفة على
جناح السرعة
بدأ ابن زياد سياسته
في الارهاب والقتل وتقديم الرشاوي وراح يهدد الناس بجيش سوف يصل من الشام خاف أهل
الكوفة وتخلّوا عن مسلم فبقي وحيداً ولكنه لم يستسلم فظل يقاتل وحده إلى أن جرح
بشدّة فوقع أسيرا ثم استشهد رضوان الله عليه وصلت أخبار قتل مسلم وبعض أنصاره إلى
سيدنا الحسين وهو في طريقه إلى الكوفة وعرف أن أهل الكوفة قد غدروا به فقال
الامام لأصحابه والذين التحقوا به من لحق بنا استشهد ومن تخلّف عنا لم يبلغ الفتح
كان سيدنا الحسين يعرف المصير الذي سيواجهه ولكن الامام كان يفكر بأداء واجبه
تجاه الإسلام والمسلمين
هدف الحسين عليه
السلام
أعلن سيدنا الحسين
رفضه البيعة ليزيد لأن يزيد لا يليق بالخلافة فهو رجل فاسق يشرب الخمر ويحلّل
الحرام ويحرّم الحلال لذلك قال سيدنا الحسين عليه السلام في وصيته لأخيه محمد بن
الحنفية إني لم أخرج مفسداً ولا ظالماً وانما خرجت لطلب الإصلاح في امّة جدّي صلى
الله عليه وآله وسلم أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي
علي بن أبي طالب عليهم السلام
كان سيدنا الحسين
يعرف أنه سيُقتل في الصحراء مع أصحابه وأهل بيته ولكنه أراد أن يوقظ المسلمين من
نومهم ليعرفوا حقيقة معاوية وابنه يزيد وأنهم يفعلون كل شئ من أجل البقاء في
الحكم حتى لو قتلوا سبط النبي وأخذوا حرمه سبايا
الحسين عليه السلام يوم عاشوراء
قطع جيش يزيد الطريق
على قافلة الحسين عليه السلام في مكان يدعى كربلاء قرب نهر الفرات ومنعوا الماء
عن الاطفال والنساء
وفي يوم 10 محرم وكان
الحرّ شديداً وعظ سيدنا الحسين عليه السلام الناس وحذّرهم من عاقبة عملهم
أيها الناس انسبوني
من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي
ألست انا ابن بنت نبيكم وابن وصيه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله
أوليس حمزة سيد
الشهداء عم أبي
أوليس جعفر الطيار
عمّي
أولم يبلغكم قول رسول
الله لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة
كان أهل الكوفة
يعرفون جيداً ولكن الشيطان قد غرّهم ففضّلوا حياة الذلّ مع يزيد وابن زياد وتركوا
الحسين عليه السلام وحيداً
قالوا لسيدنا الحسين
عليه السلام بايع يزيد كما بايعناه نحن أجاب الحسين عليه السلام لا والله لا
أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد
أصدر عمر بن سعد قائد
جيش يزيد أمره بالهجوم على معسكر الحسين عليه السلام وحدثت معركة ضارية سقط فيها
خمسون شهيداً وبقي مع الامام عدد قليل من أصحابه وأهل بيته فكانوا يتقدمون إلى
الموت الواحد تلو الآخر بشجاعة وبسالة دون أي احساس بالخوف وكانوا يعتقدون انهم
سوف يستشهدون في سبيل الله ويذهبون إلى الجنة استشهد جميع اصحابه وأهل بيته وبقي
سيدنا الحسين وحيداً فودّع عياله وأمرهم بالصبر والتحمل في سبيل الله ثم ركب
جواده وتقدم يقاتل آلاف الجنود لوحده حتى سقط شهيداً فوق الرمال لم يكتف ابن زياد
بقتل سيدنا الحسين بل أمر بعض الفرسان الذين باعوا ضمائرهم بأن يدوسوا على صدره
فانبرت عشرة خيول وراحت تمزّق صدر الحسين بحوافرها
بعدها أمر ابن سعد
بإضرام النار في خيام الحسين بعد أن نهبوها وأخذوا الأطفال والنساء سبايا إلى
الكوفة وكانت فيهم زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وزين العابدين ابن
الامام الحسين عليه السلام تقدمت زينب بشجاعة إلى جثمان أخيها الحسين وضعت يديها
تحت الجسد الطاهر ورفعت رأسها إلى السماء وقالت بخشوع الهي تقبل منّا هذا القربان
لماذا نتذكر الحسين عليه السلام
قدّ سيدنا الحسين كل
ما يملك من أجل عزّة الاسلام والمسلمين قدّم أطفاله ونساءه وأصحابه ثم قدّم نفسه
في سبيل الله علّم سيدنا الحسين الناس الثورة ضد الظلم والفساد وقضى آخر أيام
حياته يقرأ القرآن ويصلي لله
حتى في وسط المعركة
طلب من أعدائه إيقاف القتال لأداء الصلاة وصلى الحسين بأصحابه وكانت السهام تنهمر
عليهم كالمطر
كانت ثورة سيدنا
الحسين من أجل الاسلام وفي سبيل الله لهذا فإن المسلمين يذكرون الإمام الحسين
عليه السلام دائماً يذكرون بحزن يوم عاشوراء تلك المذبحة الفظيعة التي ارتكبها
الأمويون وقتلوا فيها سبط النبي وخيرة المسلمين
عاش سيدنا الحسين 57
سنة قضاها في عمل الخير وخدمة الناس وحجَّ بيت الله الحرام ماشياً مرّات عديدة
مرّ سيدنا الحسين
عليه السلام ذات يوم بمساكين قد فرشوا كساء لهم ووضعوا عليه كسراً من الخبز
فقالوا له هلمّ يا بن رسول الله فجلس معهم يأكل ثم تلا قوله تعالى إن الله لا
يحب المستكبرين وقال لهم
-
قد
أجبت دعوتكم فأجيبوا دعوتي
-
قالوا نعم يا بن رسول الله
فذهبوا معه إلى منزله
فأكرمهم وعندما أراد الإمام زين العابدين دفن أبيه سأله الناس وهم ينظرون إلى
آثار تشبه الجروح القديمة في ظهره فقال زين العابدين عليه السلام
-
هذا
مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين
يوم
عاشوراء
هو يوم العاشر من
المحرم وكان يوما عاديا لا يحتفل به أحد وعندما استشهد سيدنا الحسين عليه السلام
في هذا اليوم سنة 61 للهجرة اصبح مناسبة كبرى يحتفل بها المسلمون في كل مكان
ويجلسون للعزاء والبكاء على شهداء كربلاء
وكانت كربلاء صحراء
لا يسكنها أحد فأصبحت بمرور الأيام مدينة كبيرة ومركزاً من مراكز العلم والدين
في مصر أعلن
الفاطميون يوم عاشوراء عزاءً عاماً تتعطل فيه السواق حيث يجتمع الناس عند مرقد
السيدة زينب للبكاء وذكر مصيبة كربلاء وفي إيران أمر معز الدولة الديلمي بإعلان
يوم عاشوراء عطلة رسمية في البلاد وهكذا أصبح المسلمون يحتفلون في يوم عاشوراء في
مصر وإيران والعراق والهند وغيرها من البلدان الاسلامية وما تزال ذكرى عاشوراء
تتجدد عاماً بعد عام
وفي إيران استلهم
الشعب تضحيات سيدنا الحسين عليه السلام وقام بثورة كبرى أطاحت بالنظام الفاسد
وأقامت النظام الاسلامي
من المنتصر
يتصور البعض أن
سيدنا الحسين قد مُني بهزيمة أمام جيش يزيد بن معاوية ولكن عندما ندقق في صفحات
التاريخ سنشاهد أن سيدنا الحسين هو الذي انتصر على أعدائه
إن المبادئ التي قُتل
من أجلها الحسين ما تزال باقية حيّة في قلوب الناس فأين يزيد الآن وأين ابن زياد
بل أين معاوية نفسه لقد ذهبوا جميعاً ولم يبق لهم من ذكر وإذا ذكرهم أحد فإنه
يذكرهم للعنة فقط لقد أراد المجرمون القضاء على سيدنا الحسين ولكن الله أراد له
الخلود في الدنيا والآخرة وأصبح نصيب أعدائه اللعنة في الدنيا والنار في الآخرة
وأصبحت كربلاء رمزاً
للثورة والحرية وانتصار الدم على السيف