[b][right][size=24]كيف عاش الإمام المهدي عليه السلام إلى هذا اليوم
قبل كلّ شيء ... إنّني أعتقد أنّ المنقشة والمحاولة حول موضوع طول عمر الإمام المهدي ( روحي له الفداء ) ليست مناقشة هادفة وبنّاءة ، بل هي تجاهل العارف ، ونوع من العناد ، وبدليل أننا لا نجد أحدا يناقش في طول أعمار الملائكة ، أو طول عمر إبليس ( لعنة الله عليه ) أو طول عمر الخضر عليه السلام الذي شرب من ماء الحياة وبقي حيّا من عهد النبي موسى عليه السلام إلى يومنا هذا [1] وإنّما المناقشات والشبهات كلها حول طول عمر صاحب الزمان عليه السلام !.
فلماذا هذا التهريج والتجاهل والإستهزاء ؟؟!! .
هل هو بدافع البغض والعداء لآل رسول الله ؟!
أم أنّه استعباد لقدرة الله تعالى ؟! .
وما قيمة الإستعباد المنبعث من الجهل – أو العناد – أمام الأمر الواقع؟؟! .
أتذكر عندما نزل روّا الفضاء على سطح القمر ، وانتشر هذا الخبر في شرق الأرض وغربها ، وتحدثت عنه جميع الإذاعات والصحف ، وظهرت صورة روّأد الفضاء – ساعة نزولهم على سطح القمر – على شاشة التلفزيون ، ونقلتها الأقمار الصناعية إلى كل مكان ، وبالرغم من كل ذلك رايث كثيرا ممّن أعرفهم يستهزؤون بهذا الحادث ويعتبرونه من أكذب الأساطير ، حتي قال لي أحدهم : إنّني أتعجب منك كيف تصدق هذا الخبر ؟! وكبف يمكن للنصاري والكفار أن ينزلوا على القمر ؟!
فهل إنّ استبعادهم وإنكارهم يمنع حقيقة الوصول غلى القكر ؟!
طبعا ... لا .
إنّ طول عمر الإمام المهدي عليه السلام حقيقة ثابتة لا مجال لإنكارها أو التشكيك فيها ، وإنّ جميع الشبهات – حول هذا الموضوع – لا قيمة لها ، لأنّها من قبيل التشكيك في حارة النار ، ونور الشمس في منتصف النهار ، وغير ذلك من الحقائق الثابتة .
بعد هذه المقدمة ، نأتي الآن لنبحث حول موضوع العمر عللى ضوء القرآن الكريم ومن الناحية العقائدية وعلى ضوء العلم الحديث.
طول العمر على ضوء القرآن الكريم :
إذا عرضنا مسألة طول العمر على القرآن الكريم نجد نماذج من البشر قدّر الله تعالى لهم أن يعيشوا قرونا طزيلة ، وعند ذلك يكون طول عمر الإمام المهدي عليه السلام أمرا عاديا ، بل طول عمر أي إنسان – قدّر الله له أن يعيش طويلا – أمرا عاديا .
والآن إليك نموذجا من القرآن الحكيم :
قال تعالى:
( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاما فا×ذهم الطوفان وهم ظالمون)
إنّ هذه الآية الكريمة تقول : إنّ الفترة التي دعا فيها نوح عليه السلام إلى الله تعالى هي 950سنة ، فكم كان عمره يوم أرسله الله نبيا ؟ وكم عاش بعد الطووفان ؟
لقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :
( عاش نوح ألفي سنة وثلاثمائة سنة ، فمنها ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم ، وخمسمائة بعدما نزل من السفينة ونضب الماء فمصّر الأمصار ، وأسكن ولده البلدان... ) .
وفي رواية أخري :
إنّ نوحا عاش ألفين وخمسمائة سنة ، وعلى كل حال فمن الواضح أنّ نوحا عليه السلام عاش هذه القرون الطويلة بقدرة الله تعالى وقد روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال : ( في القائم سنّة من نوح ، وهي طول العمر ) .
وتتجلي القدرة الإلهية في تحقيق مشيئته وإرادته ، وإخضاع الطبيعة ، في قصّة النبي يونس عليه السلام الذي
( إلتقمه الحوت وهو مليم ، فولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يو يبعثون )
فالظاهر من هذه الآية أنّ يونس لو لم يكن من المسبحين في بطن الحوت للبث حيا في بطن الحوت إلى يوم القيامة .
وأمّا ما ذكره بعض المفسرين من
( أنّ بطن الحوث كان قبرا له ، اي كان يموت ويبقي جسده في بطن الحوت إلى يوم يبعثون )
فهو خلاف الظاهر .
وقد ذكر الزمخشري – في تفسير الكشّاف – أنّ الظاهر من قوله تعالى : ( للبث في بطنه ) هو لبثه في حيا إلى يوم القيامة ، ومثله في تفسير البيضاوي .
ولعل المعني – والله العالم – أنّ النبي يونس عليه السلام كان يبقي حيا محبوسا في بطن الحوت – مع حياة الحوت – إلى يوم القيامة ، فيستفاد من هذه الآية أنّ الله تعالى قادر على أن يحفظ إنسانا من الموت في مكان لا هواء فيه ولا طعام ولا شيء من لوازم الحياة والبقاء ، بل ويحفظه من الهضم فب بطن الحوت وصيرورته حزءا من جسد الحوت ، إلى ملايين السنين .
أليس الله تعالى بقادر على أن يحفظ وليّه من الموت ويعمّاه مئات السنين؟! .
طول العمر من الناحية العقائدية :
وإذا نظرنا إلى موضوع العمر من الناحية العقائدية وجدناه أمر عاديا جدا، لأنّ كل مؤمن بالله يعتقد أن الآجال بيد الله تعالى ، ومعني هذا أنّ الله هو الذي يقدّر الآجال لكل نفس ولكل ذي حياة ، والله قادر على إطالة الأعمار كقدرته على تعجيل الآجال ، فإذا قدّر الله تعالى لأحد عباده طول العمرفمن البديهي أن يهييء له الأسباب المادية ، والطبيعية الموجية لطول العمر ، ومن الممكن أن يستعفه – للعمر الطويل- بالأمور الطبيعية وبالماورائيات معا ، اي ما وراء الطبيعة وزالمادّة ، ولا يستلزم من ذلك خرق الطبيعة ولا العادة ن فكما أنّ هناك وسائل وعوامل لقصر العمر وتعجيل الآجل ، كذلك هناك وسائل لإطالة العمر وتأخير الأجل ، وكلا القسمين من الوائل في قدرة الله تعالى على حدّ سواء .
ولتوضيح هذا المعني نقول : من الواضح أنّ جسم الإنسان يتعفّن ويتلاشي بعد الموت ، وتتفرّف أجزاؤه وتنقلب إلى ديدان ، هذا من ناحية الطبيعة، ولكننا نجد – في مدينة القاهرة – عشرات الأجسام المحنّطة – من عهد الفراعنة – التي مرّت عليها آلاف السنين وهي لا تزال متماسكة الأعضاء والأجزاء ، فلا يقال : هذا خرق الطبيعة ، بل الطبيعة ناقضت الطبيعة ، يعني أنّ التحنيط يناقض ويمانع تعفّن البدن وتلاشيه .
وإن تجاوزنا مرحلة تحنيط الأجسام إلى مرحلة أعلى منها ، رأينا ما يوجب الدهشة والعجب ، فقد انهدمت قبور بعض عباد الله الصالحين فوجدت أجسادهم طرية لم يطرأ عليها أي تغيير ، فقد وجد جثمان الشيخ الصدوق – في إحدي ضواحي طهران – وقد مرّ على وفاته حوالي تسعمائة سنة ، وكان جسده طريا [7] ، وفي زماننا هذا ، أرادوا نقل مرقد الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان من شاطئ نهر دجلة – ببغداد – إلى جوار مرقد الصحابي الجليل سلمان الفارسي – بالمدئن –فانهار القبر وظهر الجثمان ، فكأنه مات في ذلك اليوم لم يتغير جثمانه وملامحه أبدا ، وكانت وفاته سنة 36 من الهجري ، مع العلم أنّه لم يكن محنطا بالتنحيط المتعارف ، وإنّما بقي جسده طريا بإذن الله تعالى .
والمشهور بين المؤمنين أنّ من واظب على غسل الجمعة لا يبلي جسده .
إذن : فالطبيعة شيء ، وإرادة الله فوق الطبيعة ، ومشيئته فوق المادة والماديات ، لأنّه تعالى خالق الطبيعة والمادة ، ويقلّبها كيف يشاء ويتصرف فيها بما يريد ، فهو منح للأشياء طبائعها .
فمن الممكن أنّ الإمام المهدي عليه السلام يراعي في حياته النواحي الصحية ، فيتاول ما ينفع ولا يضر ، فيعيش سالما عن جميع الأمراض ، وتكون جوارحه وأجهزة جسمه نشيطة تؤدي وظائفها على أحسن ما يرام ، فالشيب والشيخوخة والضعف والذبول لا طريق لها إلى جسمه عليه السلام ، وإنّا ييمتّع بالطراوة والنضارة ، فكأنه شاب متكامل القوي .. سليم الأعضاء ، كل ذلك بسبب القابليات والإستعدادات والطاقات التي أودعها الله تعالى في جسم الإمام المهدي عليه السلام .
وخلاصة القول : إنّ الله تعالى هو الحافظ للإمام المهدي عليه السلام ، وهو الذي يصونه من نوائب الدهر وحوادث الزمان ، ويمدّ سبحانه في عمره عليه السلام بما شاء ، ويحافظ على سلامة جسمه من كل مرض وآفة وعاهة .
طول العمر على ضوء العلم الحديث :
قبل أن ندخل في هذا البحث ، لا بأس أن نذكر كلمة بالمناسبة :
من المؤسف جدّا أن بعض الشباب – في المجتمع الإسلامي- يقتنعون بكلمات الغربيين – من اليهود والنصاري وغيرهم – ويتلقونها بالتصديق والقبول حتي لو كانت فوق مستوي عقولهم ومشاعرهم ، ولكنّهم يتردّدون في قبول الحقائق الماورائية الغيبية التي تتجاوز حدود المادة والطبيعة ، ويشكّكون فيها .
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على الإستعمار الفكري والثقافي الذي غزي البلاد الإسلامية ، وسلب الإيمان واليقين من قلوب كثير من الشباب الغافلين ، وأحدث فجوة كبيرة وبونا واسعا بين هؤلاء الشباب وبين الحقائق التي لا ترتبط بالمادة .
لقد دفع الإستعمار الشباب إلى الإيمان بالماديات فقط، وإلى رفض المعنويات والغيبيات .
فإذا قيل : قال المستر فلان ، وقال المسيو فلان ، وكتب البرفسور فلان ، وقال الفيلسوف فلان ، والمكتشف فلان ، والدكتور فلان ، الألماني أو الفرنسي أو الأمريكي، أو الأستاذ بجامعة كذا ، أو الكتاب اليهودي ، أو الخبير المسيحي ، أو الزعيم الوثني ، فإنّ أقوال هؤلاء وآراءهم ونظرياتهم تعتبر – عند هؤلاء الشبان – وحيا ، ويتلقونها بصدور رحبة وبكل تقدير!
أمّا إذا قلنا : قال الله تعالى ، أو قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو قال أمير المؤمنين علي عليه السلام ، أو ذكرنا حديثا أو معجزة لأحد أئمة أهل البيت عليهم السلام أجمعين ، ثقل عليهم تصديقه وصعب عليهم قبوله ! .
لماذا أيها المسلمون؟!
أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عالما حكيما فيلسوفا خبيرا مكتشفا ، ومرتبطا بالوحي ، متصلا بالمبدأ الأعلى ؟؟!!
لماذا لا يقبل كلامه ولا تصدق أقواله وأخباره ؟؟!!
إذا قلنا : إنّ عمر الإمام المهدي عليه السلام أكثر من ألف ومائتي سنة قالوا : كيف يمكن ذلك ؟ وترددوا فيه ، أمّا إذا قيل : إنّ المستر فلان قال : إنّ بإمكان الإنسان أن يعيش ألوف السنين ، صدّقوا وقبلوا منه!! لماذا؟!
قليلا من التفكر والإنتباه .
قليلا من الوعي واليقظة .
إنّنا يجب أن نفتخر بعظماء الإسلام ، بالنبي العظيم ، الإمام علي العظيم ، بأهل البيت العظماء ، ويجب أن نرفض الدخلاء الذين دسّ بهم الإستعمار إلى مجتمعاتنا وأفكارنا وأذهاننا!
يجب أن لا ننسي أنّ المسلمين هم رجال العلم الحديث وابطاله ،وأنّهم الذين فتقوا هذه العلوم وكتبوا عنها ونشروها !
ما قيمة الغربيين؟! وما قيمة أقوالهم ونظرياتهم ؟؟!! لماذا نسينا أصالتنا ومجدنا ؟
إذا ذكروا قولا أو نظرية لداروين اليهودي ، وفرويد اليهودي ، وأينشتاين اليهودي ، وسارتر الوجودي الملحد ، وأمثالهم – ممّن أنكروا الخالق وجحدوا الصانع ، ورفضوا جميع الأديان ، وجاؤوا بنظريات فاشلة ، ومضادة للإسلام – رأيت هؤلاء الشباب ، يتقون كلمات هرلاء بالقبول ، ويعتبرونها من الحقائق الثابتة التي لا تقبل الشك والجدل !!
ولهذا ترى كثيرا من المؤلفين يضظرون إلى الإستشهاد بكلمات الغربيين ، لإقناع الشباب بالموضوع الذي يتحدثون حوله !.
لماذا يا ابناء الإسلام ؟!.
لناذا يا شباب القرآن ؟!.
عودوا إلى إسلامكم ، وافتخروا به على غيركم .
ارفضوا الغرب وجاله وأفكاره ، فإنّه لا يزيدكم إلاّ وبلا وانحرافا .
والآن أعود إلى حديثي عن طول العمر على ضوء العلم الحديث :
إنّ مسألة طول العمر من المسائل التي لم يتحقق تحديدها بالضبط، فإذا قالوا : فلان عاش مئات السنين أو آلاف السنين ، فليس معنى ذلك أنّه عاش الحدّ الأقصى من العمر الممكن للبشر أن يدركه ، لأنّ العمر الممكن للبشر لم يتحقق تحديده – كما تقول بذلك آخر الإكتشافات العلمية - .
وأمّا الأعمار القصيرة – في هذا الزمان وقبل هذا الزمان – فليست مقياسا تقاس عليه الأعمار ، لأنّ الحياة مستلزمة – غالبا- للحوادث والكوارث والآلام التي تسب قصر العمر ، كسوء التغذية وسوء التهوية وعدم رعاية التعاليم الصحية ،والأمراض الفتّاكة ، وتراكم الهموم والأحزان ، التي لها كل الأثر في هذه الحياة والعقد النفسية التي تسبب أمراضا خطيرة على حياة الإنسان وغيرها .
وفي هذا المجال ذكر في صفحة 239 من مجلة المقتطف المصرية ما نصه ( ...لكن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون : إنّ جميع الأنسجة الرئيسية في جسم الحيوان تقبل البقاء إلى ما لا نهاية له ، وأنّه في الإمكان أن يبقي الإنسان حيا ألوفا من السنين ، إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته ) .
وفي صفحة 240 من نفس العدد تقول : ( وغاية ما ثبت الآن من التجارب المذكورة أنّ الإنسان لا يموت بسبب بلوغ عمره الثمانين أو المائة من السنين ، بل لأنّ العوارض تنتاب بعض أعضائه فتتلفها ، ولإرتباط بعضها ببعض تموت كلها ، فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض أو يمنع فعلها ، لم يبق مانع من استمرار الحياة مئات السنين .
ولم نقرأ في كتاب أو تقرير ، ولم نسمع من أي طبيب أو حكيم أو فيلسوف أنّ عمر البشر قد تمّ تحديده ، وأنّه لا يمكن أن يتجاوز عمره ذلك الحدّ ، أو أنّ من المستحيل أن يعيش الإنسان ألف سنة مثلا .
بل نجد أن الطبّ الحديث يأمل في أنّ يجد دواءا لطول العمر ، ومنع الشيخوخة ، وحفظ خلايا جسم الإنسان والغدد التي تنشط الأعضاء ، والمحاولات مبذولة في هذا المجال .
نعم ... العمر الطويل – في هذا الزمان – غير مألوف ، نظرا إلى الأعمار الصيرة التي يعيشها البشر اليوم ، فإذا كان الشيء غير مألوف عندنا فليس معناه أنه محال وغير ممكن ، فالناس – فيما مضى – كانوا يقطعون مسافة ألف كيلومتر في شهر ، واليوم يقطعون هذه المسافة في ساعة واحدة بالطائرة ، فلو أنّ إنسانا كان يخبر الناس _ قبل مائة سنة – أنّه يمكن قطع هذه المسافة في ساعة واحدة لما كانوا يصدقوننه ، بل كانوا يستبعدون ذلك ، لأنّه خلاف المألةف عندهم ، ولكن الخبر صحيح .
إنّ المجتمعات البشرية – اليوم – تعرف الأشياء حسب العادة الجارية ، لا حسب الأصول العلمية ، وحتي الذين لهم معرفة بالأصول العلمية لا يدّعون أنّهم أحاطوا بجميع الأسباب والمسببات ، بل يعترفون أنّهم لا زالوا في بداية الطريق ، ويقرون بأنّ الأصول العلمية التي خفيت عنهم أكثر جدّا مما ظهرت لهم .
فالمقاييس العلمية – في هذا الكون – أكثرها مجهولة ، ولم يستطع البشر أن يحيط بها علما ، وإنّما استطاع أن يدرك أشياء ظاهرة بدون أن يعرف أسبابها وعللها ، فكل شيء له سبب ، وذلك السبب أيضا ل سبب ، وهكذا تجد الأسباب والمسببات متسلسلة ولا تستطيع أن تعرف السبب الأوّل – الذي يقال له ( علّة العلل ) – إلاّ أن تقول : أنّها قدرة الله سبحانه وغرادته ... لا غيرها .
المعمّرون:
في تاريخ البشر توج اسماء كثيروين من الذين عاشوا في هذه الحياة قرونا طويلة ، وقد تعرض المؤرخون إلى ذكر اسمائهم وبعض قضاياهم ، كما أفرد بعض العلماء – في كتبهم – فصلا خاصا لهم تحت عنوان ( أخبار المعمّرين ) وذكروا فيه بعض ما يتعلق بهم ، مما يدل على أنّ طول العمر ليس أمرا غريبا في حياة الإنسان ، بل كان شيئا طبيعيا في بعض الأزمنة .
ونحن نذكر – هنا – أسماء بعضهم ، مع رعاية الإختصار :
1- النبي آدم عليه السلام عاش 930سنة .
2- النبي سليمان بن داود عليه السلام عاش 712سنة.
3- لقمان الحكيم عاش 4000سنة وقيل 400سنة .
4- الربيع بن الضبع الفزاري عاش 380 سنة .
5- شدّاد بن عامر عاش 900سنة .
6- عمر بن عامر عاش 800 سنة .
7- قس بن ساعدة الأيادي عاش 600 سنة.
8- عزرز مصر عاش 700 سنة .
9- الرّيان – والد عزيز مصر – عاش 1700 سنة .
10- لقمان العادي عاش 560 سنة .
وهناك الكثيرون – ممّن سجّل التاريخ اسماءهم – الذين عاشوا مئات السنين ، ولا أري حاجة إلى ذكرهم ، وقد اكتفينا بالقرآن العظيم وقصة نوح عليه السلام وفيها الكفاية .
تحقيقات علمية حول العمر :
كما اطلعت على موضوع آخر نشر في إحدي المجلات الغربية ترجمت مقتطفات منه :
يقول علماء مختصون في هذا المضمار : أنّ بإمكان الجسم أو أي عضو منه الإستمرار في الحياة مدّة غير محدودة إذا لم يتعرض إلى طارئ خارجي ، وقد تصل العدّة آلاف السنين ، وهذا الرأي لا يستند على الحدس أو الخيال بل هو نتيجة تجارب علمية عديدة .
فقد تمكّن أحد الجرّحين الإحتفاظ بعضو حيواني مقطوع مدّة تفوق عمر الحيوان الميّت نفسه ، وإذا ما استمر توفير الغذاء لبكافي لهذا العضو فإنّه سيستمر في الحياة مدّة طويلة .
كما أجري الجرّاج الدكتور ( الكسيس كاريل ) في مؤسسة ( روكفلر ) العلمية بنيويورك التجربة الآنفة الذكر على حزؤ مقطوع لدجاجة ، وقد استمرت الحياة فيه مدّة ثمان سنوات ، وأعيدت التجربة على أعضاء إنسانية كالعضلات والقلب والجلد والكلية ، وحيث لوحظ استمرار الحياة فيها مادامت التغذية مستمرة .
ويقول ( ريموند ) و ( بريل ) الأستاذان في جامعة ( جونز هبكنز) إنّ الأعضاء الرئيسية في جسم الإنسان لها القابلية على الدوام والخلود ، وقد ثبت ذلك بالتجارب التي ما تزال مستمرة .
ويبدو أنّ ( جاك لوب ) في مؤسسة ( روكفلر) هو أوّل ما أنتبه إلى ذلك خلال تجاربه حول بيوض الضفادع حيث وجد أن بعضها يموت سريعا فيما يبقي البعض الآخر مددا أطول ، ممّا دفعه إلى إجراء تجاربه حول أعضاء من الضفدعة حيث تمكن من الإحتفاظ بها حيّة مدّة طويلة .
واثبت الدكتور ( فرن لويس ) بمعونة زوجته إمكانية الإحتفاظ بأجزاء جنينية لبعض الطيور حيّة في ماء مالح وإضافة موادّ معينة لنموها .
وقد استنتج الدكتور ( كاريل ) من خلال تجار مستفيضة أنّ الأعضاء التي أجريت عليها التجارب لا تتعرض للشيخوخة وأنّها تعمّر أكثر من الحيوان نفسه ،وقد واجه هذا العالم مشاكل عديدة لدي بدء تجاربه سنة 1912م ولكنه استطاع بمعيّة فريقه التغلب عليها والتوصل إلى نتائج مذهلة :
إنّ الخلايا تبقي مستمرة في الحياة ما لم تدخلها الجراثيم أو ينقطع عنها الغذاء .
إنّ الأجزاء الحيّة لا تحتفظ بحياتها فحسب ، بل تنمو وتتكاثر كبقية الأجزاء في جسم الكائن الحي .
يمكن التحكم في النمو والتكاثر عن طريق نسبة الغذاء .
إنّ الأعضاء لا تتأثر بمرور الزمان ولا تضعف ولا تشيخ ، وهي تنمو باستمرار .
ومن هنا يتضح أنّ ظاهر الشيخوخة ليست سببا بل نتيجة لأسباب أخرى . وأنّ موت الإنسان لا تتحدّد بمرور سبعين أو ثمانين أو حتي مائة من السنين على حياته .
إنّ الجسم الكائن الحي معقد في تكوينه وتنوّع أعضائه وأن تعرض عضو ما للضعف بسبب مرض ما ، يؤثر على سائر الأعضاء الأخرى . وهذا ما يؤثر على استمرار الحياة . فهناك من يموت في سنّ الطفولة وهناك من يعمر أكثر من قرن .
ومتي ما تمكن العلم من حماية الجسم من هجمات الجراثيم وإيقاف التسمم وغيصال الغذاء الكافي للأعضاء فإنّ باستطاعة الإنسان أن يعيش مدّة طويلة جدّا كما هو الحال في بعض الأشجار المعمّرة ،وبالطبع ليس من المتيسر للعلم في الوقت الحاضر أن يتحقق ذلك ، ولكنه قد يمكنه أن يضاعف من متوسط حياة الإنسان وجعله يعيش مدّة طويلة نسبيا .
وقد ذكر عالم إنكليزي في بحث له : أنّ العلماء قد تمكنوا من مضاعفة عمر حشرة الفاكهة تسعمائة مرة بقدر عمرها الطبيعي وذلك بحمايتها من الجراثيم والسموم وتوفير ظروف مناسبة .
ولقد عثرت على بحوث ممتعة حول السرّ في طول العمر وبواعث الشيخوخة والموت ... .