قدم عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة يريدان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقيل : يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( دعه ، فإن يرد الله به خيراً يهده ) .
فأقبل حتى قام عليه ، فقال : يا مُحمد مالي إن أسلمت ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لك ما للمسلمين ، وعليك ما عليهم ) .
قال : تجعل لي الأمر بعدك .
قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( ليس ذلك إليَّ ، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث شاء ) .
قال : فتجعلني على الوبر وأنت على المدر ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا ) .
قال : فماذا تجعل لي ؟
قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( أجعل لك أَعِنَّةَ الخيل تغزو عليها ) .
قال : أَوَ ليس ذلك إلي اليوم ؟
فكان عامر قد قال لأربد : إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف .
فدار أربد ليضربه ( صلى الله عليه وآله ) فاخترط من سيفه شبراً ، ثم يبست يده على سيفه ولم يقدر على سلِّه ، ولم يستطع تحرير يده ، وحاول جاهداً دون جدوى ، فقال : اكفنيها بما شئت .
فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة فاحرقته ، وعصم الله نبيّه ، وولَّى عامر هارباً .
وقال : يا محمد دعوت ربَّك فَقتل أربد ؟ والله لأملأنَّها عليك خيلاً جرداً وفتيانا مرداً .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة ، يعني الأوس والخزرج ) .
فنزل عامر بيت امرأة سلولية ، فلما أصبح ضمَّ عليه سلاحه وخرج وهو يقول : والله لئن أصحر إليَّ محمد وصاحبه – يعني ملك الموت – لأنفذهما بِرُمحِي .
فأرسل الله تعالى ملكاً فأثراه في التراب – أي لطمه بجناحيه فأثراه في التراب – وخرجت عليه غُدَّة كَغُدَّة البعير عظيمة ، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول : أَغُدَّةً كَغُدَّةِ البعير ، وموت في بيت سلولية .
ثم ركب فرسه فمات على ظهر الفرس ، فانزل الله تعالى : ( وَيُرسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبَ بِهَا مَنْ يَشَاءُ ) الرعد : 15 .