<H2 align=right>مفهوم سيماء الصالحين في نهج البلاغة إن العبادة - في نهج البلاغة - ليست سلسلة من الأعمال الجامدة الجافة فقط ، بل إن العمل البدني هو صورة العبادة وجسمها ، وأن الروح هو شيء آخر ، وأن العمل البدني إنما يجد الروح ويستحق اسم العبادة فيما إذا كان فيه ذلك الروح المعنوي لها ، فإن العبادة الواقعية هي نوع من الانتقال من هذا العالم ذي الأبعاد الثلاثة إلى علام آخر مليء بالحركة والنشاط والخواطر القلبية واللذات الروحية الخاصة .
وقد جاء في نهج البلاغة الكثير عن أهل العبادة ، وصور كثيرة عن ملامح العبادة والعُبّاد ، فتارة: عن سهر لياليهم ، وأخرى: عن خوفهم وخشيتهم ، وثالثة: عن شوقهم ولذتهم ، ورابعة: عن حرقتهم والتهابهم ، وخامسة: عن آهاتهم وأنّاتهم وزفراتهم وحسراتهم ، وسادسة: عن تلك العنايات الإلهية الغيبية التي يحصلون عليها بالعبادة والمراقبة وجهاد النفس ، وسابعة: عن أثر العبادة في طرد الذنوب وآثارها ، وثامنة: عن أثر العبادة في علاج الأمراض النفسية والخلقية ، وتاسعة: عن لذتهم وبهجتهم الخالصة غير المحسودة والتي لا شائبة فيها .
( أما الليل ، فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً ، يُحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنها نصب أعينهم ، وإذا أمروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفّهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم . وأما النهار: فحلماء علماء ، أبرار أتقياء ) .
</H2>